ديباجة الملتقى

     إنّ التّطوّرات التي تشهدها السّاحة اللّسانية اليوم، خاصّة فيما يتعلّق بظهور نظريات لسانية حديثة على قدر كبير من العلمية والموضوعيّة، تستدعي الاهتمام بها، والسّعي نحو تطبيقها والاستفادة منها في تطوير الدرس اللّسانيّ العربيّ. ولعلّ من أبرز هذه النّظريات اللّسانية الحديثة وأهمّها، اللّسانيات العرفانية، التي ثارت على الدّراسات البنيوية والتّوزيعيّة للّغة، والأنحاء المركبية والتّحويلية والمنهج المنطقي التّقليديّ القائم على مبدأ الشروط الضرورية والكافية.

    وتعرّف اللّسانيات العرفانية بأنّها نظرية لسانية تهتمّ بدراسة اللّغة باعتبارها ملكة ذهنية غير مستقلة بذاتها بل مرتبطة بجملة الملكات الذّهنية الإنسانية، مثل: الإدراك والانتباه والتّذكّر والتّجسدن والتمثّل وغيرها، وتهدف إلى تحليل العمليات الذهنية التي تسبق عملية الإنتاج الكلامي أثناء الحدث التّواصليّ، وقدّمت من خلال مباحثها ونظريّاتها مناهج جديدة في دراسة اللّغات البشرية لم تكن مطروحة من قبل.

     ونظرا لأهمية هذه النظرية اللّسانية في الدّرس اللّسانيّ، وتقديمها لآفاق جديدة في دراسة اللّغات وتحليلها، واقتناعنا بضرورة الاستفادة منها في دراسة اللّغة العربية وتدريسها، فإننا ارتأينا إقامة ملتقى وطنيا لبحث كيفية تطبيق اللّسانيات العرفانية في اللّغة العربية، والاستفادة من مختلف مباحثها في معالجة جوانب من الدّرس اللّغوي العربيّ، وإتاحة الفرصة للأساتذة والباحثين وطلاّب الدكتوراه لإثراء النّقاش في هذا الموضوع وعرض أبحاثهم حوله.

تحميل الديباجة - البرنامج - الاعلان

الإشكالية

     وتتأسّس إشكالية الملتقى على التّساؤلات الآتية:
     ما هو واقع المصطلح اللّساني العرفاني العربي، وما هي سبل ضبطه وتوحيده؟ ألا تعدّ بعض المشاغل المعرفية والاعتبارات العرفانية، التي كانت موجودة في الدرس العربيّ قبل ظهور التيار البنيوي الغربي، الذي همش الاعتبارات العرفانية، نموذجا لتطبيقات العرفانية العربية في مجال البحث وقضايا اللغة؟ ما هي المباحث اللّسانية العرفانية التي يمكن أن تفيد في دراسة علم المعجم وعلم الدّلالة العربيّين؟ وإلى أيّ مدى يمكن الاستفادة من النحو العرفانيّ في دراسة بعض الظواهر النحويّة العربيّة؟ وكيف يمكن استثمار اللّسانيات العرفانية في تحليل الأعمال الأدبية العربيّة قديمها وحديثها؟ وما هو أثر اللّسانيات العرفانية في تعليم اللّغة العربية وتعلّمها للناطقين بها وبغيرها، وفي حوسبتها؟ وما أثرها في التداوليات والسيميائيات؟